نافذه على الجنة
تحت سلسله قصصنا (55 مشكله حب) سوف نذكر لكم القصه الاتيه
أكتب اليك من فراشى وانا راقده مشلوله ..خمس سنوات تمر امامى الان منذ اليوم الذى رقدت فيه وانا اهذى بالحمى وقال الطبيب انى مصابة بشلل الاطفال الى اليوم وانا اكتب لك فى منتصف الليل وكل عصب من اعصابى يرتجف ..أنك تستطيع ان تتخيل نفسية فتاة فى الخامسة عشره مشلوله مدقوقه فى فراشها بمسمار ..لا تمتلك من النشاط الا مترا مربعا مساحته متر فى متر ..تحرك فيه ذراعها …أن بعض انواع الالم لايمكن ان توصف فى كلمات …بعض انواع الالم خرساء …وحياتى كانت كلها خرساء ..كأن الشئ الوحيد المطلق السراح فى حياتى هو خيالى …كنت ألوذ بالخيال لآحب وأكره وأتزوج وأنجب اطفالا وابنى قصورا فى الهواء واسافر الى اقصى الارض ..ثم افتح عينى فى النهاية على حياتى الصغيره المشلولة وابكى فى صمت ..هذا العالم الوهمى هو كل ما املك من سعادة …حتى ذلك المساء البعيد منذ ثلاثة اشهر …ودعنى اصف لك هذا المساء الذى غير حياتى كلها ….لم يكن فى المنزل احد سواى انا والدادة وكنت اقراء كتابا …..واسرح بضع ساعات بين صفحة واخرى …حينما دق جرس التليفون……واحضرت الدادة التليفون الى جوارى ….ورفعت السماء وضعتها على اذنى ….وسمعت رجلا يسال عن عبد الحميد بك ….فقلت له…….ان النمرة خطأ ……فأعتذر وتردد …….ثم قال : اليست النمرة كذا وكذا ……..فقلت له: لا ……ان هناك فرقا فى احد الارقام ,فضحك قائلا :هكذا الحياه …فرق رقم واحد فيها يغير من مصير انسان …..وبدأنا نتبادل حديث المصادفة وقد استرسلنا فى الحديث , وختم كلامه قائلا :واننى رقيقه …وانه يسره ان يتمكن من محادثتى بين حين و اخر …ووضعت السماعة ….وظللت انظر اليها برهه وكأنى انظر الى نافذه واسعة فتحت امامى على مشرق شمس ……ومنذ ذلك اليوم بدأت بيننا علاقة من نوع غريب …….علاقة تشبه الاحلام التى احلمها ……فيها شبح لا اعرفه ..يحادثنى ويقول لى : احبك … ولكن الشبح كان له هذه المرة وجود فى ارض الواقع ….لانه ما لبث ان قال لى : هل تصفيين نفسك؟ ووصفت له وجهى بدقة …وسمعته يقول :ما اجملك ! ووصفت له ذراعى ويدى الرقيقتين ….وسمعته يهلل اعجابا ويقول فى عاطفة : لو كان ساقاك فى جمال ذراعيك فأنك تكونين فتنه كالدمية ……وهنا احسست بالسماعة ترتجف فى يدى ….ونظرت الى ساقى الممدودتين كعموديين من خشب وظللت صامته برهه قبل ان القى بالسماعة فى مكانها …..وفى تلك الليله ظللت متيقظه حتى الصباح هل احبه؟ نعم بل اكثر من حب ….انه حياه….لقد زاد وزنى فى هذه الاشهر الثلاثه خمسه كيلو جرامات …وتورد خداى ……وقال الطبيب حينما كشف على ساقى ان بعض الالياف العضلية بدأت تعمل وانه مندهش كيف بدأ التحسن بعد هذا الوقت الطويل …انه حياتى اذن …وهى حياه يتهددها الضياع ….فهو يريد ان يرأنى ولو رأنى فسوف اخسره واخسر نفسى الى الابد .انى معذبة تعيسة …..كيف اهرب منه ومن نفسى ؟ماذا افعل ؟
اجابة الكاتب على صاحبه الرسالة:
انى اشعر بعذابك …وحيرتك ……….واحس بأنى امام دراما اغريقية من درامات المصير ….لا مجرد مداعبة تليفونية ….دراما اكبر من عقلى ..اما رأى فهو ان تستمر هذه العلاقة فى شكلها التليفونى ويؤجل اللقاء بينكما حتى يتم شفاؤك وفى أمكانك ان تكونى شهر زاد التى تحكى لشهريار كل ليلة قصة …..وتشغله ليله بعد ليله حتى تكسب قلبه بعد ألف ليلة و ليلة .
بالكلمات السابقه ينهى الكاتب رأيه بخصوص صاحبه المشكله واحب ان اضيف رايى الشخصى الذى قيه اؤيد رائ الكاتب انه مادام يوجد امل فى الشفاء من الممكن ان تتريث على مقابلتها له حتى يتم شفاؤها على خير .