همسات فى اواخر العمر
محطات العمر ما بين الماضية والمتلاحقه:
فى اخر العمر قد تجد نفسك تهمس بكل ما تخبئه بداخلك طيلة حياتك على مدار السنوات التى مررت بها بحلوها ومرها .محطات طويله جدا بها ما اسعدتك وفيها ايضا ما اشقاك , هى فتره تشعر فيها ان لايهمك شئ ولا تعبأ بشئ فليرحل من يرحل ويبقى من اراد البقاء وقد تشعر بعدم قيمة اى شئ امامك و لكنك تحاول تعويض كل مافاتك بقدر الامكان . حيث تريد ان تعوض سذاجتك وطيبتك وحسن نيتك التى اوقعتك فى بئر الخيبات ولكنك بالاسف لاتستطيع ان تعوض كل شئ حيث توجد اشياء لا يمكن الرجوع فيها ولا يمكن تعويضها وليس عليك الا الرضى والقبول و ان تنحنى للموجه حتى تنقذ نفسك من الغرق . فهى همسات وليست تخاريف عمرية ,هى وقفه مع النفس مابين ماحققته وبين ما فشلت فى تحقيقه و اعاده النظر فى كيفية هل سوف يسعك الوقت بأن تلاحق بقطار عمر لم يأتى بأكثر مامضى؟ قد تتفاجأ بالاسف ان محطات عمرك التى مضت هى اكثر ما تستطيع ان تلاحقه . وقد تنظر احيانا الى الماضى متحسرا وترى الحاضر أسفا و تتخيل المستقبل بخيبة امل . لست ادعو للتشاؤم , كلا ولكنها مجرد همسات تفرض نفسها على اى شخص اتعبه الطموح و اشقاه الواقع. يجد نفسه ينظر لمحطات حياته متعجبا خائفا ان ينزل مجبرا للنزول فى اخر محطه له ويجد نفسه تائها فيها.
حياة الانسان سلسلة متشابكه ما بين عمل واقارب واصدقاء و انجازات وطموحات و رغبات ولايمكن الفصل بينها ,فهى كلها حلقات متصله ببعضها .
ولكن ماّذا لو :
ماذا لو فقد حلقه او اكثر من حلقات حياته المتعدده التى ذكرناها سالفا؟ كيف يحصل عليها ؟ وهل بعد انتهاء العمر لديه القدره بعد على البحث على شئ مفقود لديه؟! فبأى نفسيه يستطيع ان يحصل على مفقوداته بعد ان انهكته الحياة بمتاعبها وشقائها و بعد ان فقد القدرة على الشغف والأهتمام ؟!
وقتها قد يشعر بأنه مكتوفى الايدى ما بين شعوره بوقت كبير مضى وما بين عدم معرفته بما سوف يتبقى من وقت مثل الطالب الذى يجلس فى لجنه الامتحان و قد سرقه الوقت كلص أتاه على غفلة وسرقه عنوه.
عن ماذا تبحث يا شقى العمر؟
بعد ان مرت سنوات عمره مرور الكرام سوف يجد نفسه لايريد البحث عن ما فقده لانها كثيره وعديدة لدرجة انه ابتدأ ان ينساها او يتعايش مع فقدانها .
فهو كمن يبحث على اشياء رفيعه وسط اكوام هائلة من القش لان الزمن خبائها على مدار حياته.
يبحث عن من؟! عن حياة ولت و ضاعت؟! …عن صداقات تساقطت كاوراق الخريف الجافة .. ام عن قيده العائلى لكى يتذكر عائلته التى كاد ان ينساهم بمرور الزمن واصبحت علاقته بهم باردة برود الشتاء القارس ..ام على صلة الرحم التى ابتدأ ان يشك بعض الشئ انهم خرجوا من نفس الرحم؟!
وقد يبتدئ فى لحظات ان يشك فى طموحاته التى بناها منذ شبابه و يتسأل مع نفسه الحائرة ..هل كان ما يحلم به طموح ام جنوح؟ لو كان طموح فلماذا فشل فى تحقيقه؟! هل هو المتسبب ام ظروف حياته التى عرقتله .. وهل فى العمر بقية ان يحقق ولو جزء بسيط من امنياته التى كانت فى مجملها مشروعه ؟! مثل المذنب المحكوم عليه بالاعدام عندما يسألونه عن اخر امنياته التى يريد ان يحققها ولكن بألاسف حتى هذه الجزئيه قد يفشل فى تحقيقها.
كلها تساؤلات تزحم عقله المنهك ولكنه بالاسف عندما يصيبه التعب بعد التفكير العميق لا يجد امامه الا ان ينتظر محطته التى لايعلم متى سوف تأتى حتى ينزل منها سألما امنا تاركا خلفه ذكراه وسط معارفه التى قد يراها البعض جيده و الاخر يراها سيئه كلا على حسب ما يتذكره عنه.والاهم من هذ كله مادام فى كل الامور عاجلا ام اجلا سوف يرحل فلابد ان يحاول ان يترك خلفه ذكرى عطرى يستنشقها احباؤه كلما اتى على ذاكرتهم.
